الصحافة العربية: والهمة الضائعة وراء المكاسب
الصحافة العربية: والهمة الضائعة وراء المكاسب
إن من الأشياء التي لا يختلف فيها اثنان من المهتمين بالشؤون الإعلام العربي, أن هذا الأخير قد تخلى عن شيء من رسالته, وحاد بعضه عن طريقه, وجانب لفيف من أقلامه الصواب, وراحت تلهث وراء ما تراه الأجدر بالاكتساب, في وقت تهتز فيه جنبات العالم الإسلامي والعربي على وقع أحداث مفزعة, وقضايا مروعة, لا يعلم نهايتها إلا الله سبحانه وتعالى .
وفي مثل هذه الظروف كان ينتظر أن تتحمل الصحافة فيها مسؤولياتها, وأن تؤدي الأمانة التي حملت إياها والتي تتغنى بها في شعاراتها, إلا أن واقع الحال يفهمنا أن هذه الوسيلة المنيفة, والمهمة الشريفة, قد انخرمت همتها, وتهلهلت أوصال طموحها, بسبب أربعة من الناس :
الأول : شخص جعل الله له في الصحافة نصيبا فتملك أمرها وفصولها, وأرادها أن تلد على غير أصولها, فكان لزاما عليها أن تتخلى عن شرفها, لتنجب له ما أراد, فخرجت بذلك عن سنتها, واستقالت من مهمتها .
الثاني : شخص ألبس تاج زمامها, فاستهواه عرشها ومقاليد أمرها, فعلق حياته بها, وراح يضرب حرصا عليها كل رأس يانعة, أو يتوقع لها أن تكون كذلك, متوجسا منها خيفة في منافسته أو مزاحمته, وتدفعه الأوهام في كثير من الأحيان إلى ارتكاب حماقات تكون وبالا عليها, وتكون عاقبة أمرها خسرا .
الثالث : شخص طوع له القلم, وأوتي حظا من الإبداع, وقوة في الإقناع, حيث ينبت من الفكرة حادثة, ويصنع من الحدث ظاهرة, ولكنه يأبى إلا أن يسخر ملكته في كسب الوداد, وجمع الزاد, حيث لا يلقي للضمير بالا, ولا يرى لنداء الواجب نحو أمته امتثالا, بل لا يتردد في إجابة محاوره على أن ذلك عبثا وللوقت مضيعة .
الرابع : شخص ملك مقاليد توجيه السلطة الرابعة, وأريد منه أن تكون خادمة للأمة, ومصالح أبنائها, وتوجيههم نحو خدمة قضاياها, وتحقيق آمالها وطموحاتها, اختزل كل ذلك في خدمة الإدارة التي ينتمي إليها, ويحمل أفكارها وتفكيرها, ويتلون بألوانها .
ولا نملك أمام هذا الوضع إلا أن نتساءل: أليس الصبح بقريب؟