الضمير التائـه متى العودة إلى الرشد؟
الضمير التائـه متى العودة إلى الرشد؟
سنتحدث تحت هذا العنوان عن أمر استوقفنا في رحلتنا الهندية، وبالضبط في مدينة لان بينت - بولاية تامل نادو، وزيارتنا لإحدى مكتبات الكليات هناك مع المسؤول وبرفقتنا عميد الكلية، وبعد تجاوز أطراف المكتبة والاطلاع على تفاصيل محتوياتها، وكلنا أمل أن نجد فيها مخطوطات كثيرة، وذلك بحسب المعلومات التي نمتلكها حول الكلية، ونظرًا لقدمها؛ حيث يفوق عمرها قرنا من الزمن، لكن واضح الأمر كان غير ذلك حيث أننا لم نجد ورقة واحدة مخطوطة بين رفوف المكتبة وما كان علينا عندها إلا أن نعود من حيث أتينا، وبينما نحن نغادر الكلية جاء طالب كان يترصّد حركتنا وأدرك غرضنا وسألنا هل تبحثون عن المخطوطات؟ فقلنا: نعم ولكننا لم نجد شيئًا فطلب منا أن نرافقه، ففعلنا ودخل بنا غرفة كبيرة بها خزائن جداريه تشغل ثلاثة جدران من الغرفة فسألته ما هذه قال خزائن يضع فيه الطلاب ثيابهم وأغراضهم قلنا: ما لنا ومالها ، قال: لا تستعجل، وأشار بيده إلى كوّات صغيرة توجد فوق كل خزانة واحدة منها، وقال: إنّ المخطوطات دُفِنتْ هناك ، وما كان علينا إلا أن بحيث فيها واستعنا ببعض الطلبة وفتشناها واحدة واحدة فما كان قول الطالب إلا حقًا وصدقًا، فأخرجنا من كن فيها صالحًا أو يمكن إصلاحه، وما قدرة يدنا على جمع شتاته وترتيبه، وكانت قلوبنا تتقطع ألمًا على ما ساقتنا إليه يد عوادي الزمن فجعلته كالرميم وأثرا بعد عين.
وما أثار استغرابنا ودهشتنا هو الحرص الوائد والتشديد المبالغ في في التزام بعض الأمور، وإلزام الناس بها وإهمال ما هو واجب عليهم وعلينا جميعًا ألا وهو حفظ تراث أولئك الرجال الذين أفنوا أعمارهم في تأليفه .
وإننا لنتعجب من ضمير صاح في صغائر الأمور تائهًا عن رشده في عظائمها.