السؤال
ما الحكم الشرعي حسب المذهب المالكي في هبة عقار دون حيازته من طرف الموهوب له وبقائه بحيازة الواهب يستعمله مثل السابق .
ذالك أن قانون الأسرة الجزائري بالمادة 206 منه يعتبر الحياة شرطا وتخلفها يقع تحت دائرة البطلان .
فما موقف الفقه الإسلامي من ذالك ؟ وشكرا .
الجواب
- إضافة تعليق جديد
- المشاهدات: 101
إن الأصل في أموال الناس احترامها فلا يحل لأحد مال غيره إلا عن طيب نفس منه قال صلى الله عليه وسلم: ( لايحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه ), ولما كانت التبرعات هي إخراج المرئ جزءا من ماله قصد النفع العام من غير عوض يخلفه, إلا ابتغاء مرضاة الله والثواب الجزيل يوم القبامة, كان لزاما أن تصدر عنهم عن طيب نفس لا يخالجه تردد, لأنها من المعروف والسخاء , ولذلك كان قصد الشارع فيها أن تصدر عن أصحابها صدورا من شأنه أن لا تعقبه ندامة, حتى لا ينجر للمحسن ضررمن جراء إحسانه, فيحذر الناس فعل المعروف إذ لاينبغي أن يأتي الخير بالشر, كما أشار إليه قوله تعالى: ( لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ), وقد نبه الشيخ الطاهر ابن عاشورإلى أن طيب النفس المقصود في التبرعات أخص من طيب النفس المقرر في المعاوضات, ومعنى ذلك أن تكون مهلة لزوم عقد التبرع عقب العزم عليه وإنشائه, أوسع من مهلة انعقاد عقود المعاوضات ولزومها, ومضى ابن عاشور يدلل على كلامه هذا قائلا: وقدعلمنا ذلك من أدلة في السنة ومن كلام علماء الأمة, ففي الحديث الصحيح ( أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر ولا تترك حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ), وهذه الحالة تقتضي التأمل والعزم دون التردد إلى وقت المضيق, ويتحقق حصول مهلة النظر بأحد أمرين هما التحويز والإشهاد.
وقد كان اشتراظ الحوز في التبرعات ناظرا إلى هذا المقصد, بحيث لايعتبر انعقاد عقد التبرع إلا بعد التحويز دون عقود المعاوضات, ولذلك كان حدوث مرض الموت قبل تحويز العطية مفيتا لها,وناقلا أياها إلى حكم الوصية, فقد جاء في الموطأ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أن أبا بكر الصديق كان نحلها جادعشرين وسقا من ماله بالغابة و فلما حضرته الوفاة قال: والله يابنية ما من الناس أحب إلي غني بعدي منك, ولا أعز علي فقرا بعدي منك, وإني كنت نحلتك جادا عشرين وسقا, فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك, وإنما هو اليوم مل وارث, فاقتسموه على كتاب الله). لأن حيازة المتبرع به وقبضه من قبل المتبرع له شرط لتمام عقود التبرعات وكمالها, قال ابن رشد: ( إن العقود التي تنتقل بها أملاك تنقسم إلى قسمين, بعوض وعلى غير عوض, فأما ما كان منها على عوض فلا يفتقر إلى حيازة لارتفاع التهمة في ذلك, وما كان بغير عوض كالهبة والصدقة فمن شرط تمامه وكماله القبض عند مالك وجميع أصحابه ).