بدعة المساوة في الميراث تحدي القطعي المعلوم من الدين بالضرورة
بدعة المساوة في الميراث تحدي القطعي المعلوم من الدين بالضرورة
لقد كانت المرأة عند اليهود لا ترث إلا إذا انعدم الابناء أما الزوجة فلا ترث من زوجها مطلقا, وكان أهل الجاهلية لا يورثون بالبنوة إلا إذا كان الابناء ذكورا فلا ميراث للنساء, وكانوا يقولون: إنما يرث أموالنا من طاعن بالرمح وضرب بالسيف,
وقد كان قوله تعالى: " وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون" أول إعطاء لحق الإرث للنساء في العرب,
فإن الذي أقر حقها في التركة بعد حرمانها منه من قبل أهلها ودون مطالبة منها, وأعطاها إياه مبينا مفصلا, فأزاح عنها بذلك مبلغ الظلم الذي لحق بها من جراء تلك التشريعات الفاسدة, لا يمكن أن يكون ذلك الحق الذي أعطاها أياه أقل مما تستحق, لأنه يتناقض والعدالة الإلاهية المطلقة المسلم بها من قبل الجميع.
ثم إن الذي خلق الخلق يعلم ضروراتهم وحاجتهم على وجه التفصيل من ذكر وانثى ومن هنا جاء التشريع الإسلامي في قسمة التركة ناظرا إلى القرابة والحاجة فأعطى الأكثر احتياجا نصيباً أكبر من الأقل احتياجا ولذلك كان حظ الأبناء أكبر من حظ الآباء, لأن الولد لازال في حاجة إلى ما يستقبل به الحياة وأما الوالدين فسيكونون في مرحلة من العمر لا يحتاجون إلى كثيرا من المال مثل الصغير, وزيادة على ذلك جعل نفقتهما واجبة على ابنائهم, أي أن حاجاتهم مكفولة من قبل ابنائهم بأمر إلهي, ولنفس الغرض كان للذكر مثل حظ الأنثيين فالابن الذي سيصير زوجا سيكون مسؤولا من جهة الوجوب على نفقة زوجته وعلى نفقة أولاده منها في ماله لا في مالها, فلا شك أنه أكثر احتياجا من أخته التي ستصير زوجة تقبض مهرها, و يرعاها وينفق عليها زوجها.
وإذا كان وضع المرأة من جهة القرابة متقدما على من دونها في القرب ولو كان ذكرا ذو حاجة فإنها تأخذ أكثر منه أو تساويه أو قد لا يرث معها, وعموما فإن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال في مقابل أربع حالات واردة على سبيل الحصر ترث فيها المرأة نصف الرجل, فمسألة الأنصبة وتقسيم الإرث ليست مجرد عملية حسابية خاضعة لقواعد قانونية جافة, بل إن أمر الإرث وقضاياه هو جزء من النظام المالي الإسلامي المترابط الذي يراعى فيه الفرد والجماعة, الأسرة والدولة, القريب والبعيد, المليئ والمعدوم, الفقير والغني.
إنها حكمة الله فيمن خلق ولا يعقلها إلا العالمون.