مكتبة المدرسة اللطيفية- فيلور - تامل نادو – الهند هذا كل ما أمكن إنقاذه!
مكتبة المدرسة اللطيفية- فيلور - تامل نادو – الهند هذا كل ما أمكن إنقاذه!
لقد تأسست المدرسة اللطيفية سنة 1705هـ على يد الشيخ العلامة عبد اللطيف القادري, وتقع في مدينة فيلور, التي تبعد نحو 150 كم 1705 عن عاصمة الولاية مدراس (تشناي), وهي قريبة من كلية الباقيات الصالحات, إلا أنهما على منهجين مختلفين, فكلية الباقيات الصالحات تنتمي إلى التبليغيين؛ أي جماعة الدعوة والتبليغ, إما المدرسة اللطيفية فهي تنتمي إلى المدرسة الصوفية في جنوب الهند, وكلها مؤسسات تعليمية خيرية, تقدم خدماتها التعليمية مجانًا لأبناء المسلمين بالهند, وأما تمويلها فهو قائم على تبرعات رجال الأعمال الهنود, وزكوات الأغنياء من المسلمين.
وتعد المدرسة اللطيفية أقدم مدرسة في جنوب الهند؛ حيث يزيد عمرها على 320سنة, ومكتبتها من أكبر مكتبات المخطوطات به؛ حيث توجد بها ثلاث غرف من الكتب والمخطوطات, لكنها مكدسة على الرفوف بلا فهرسة ولا تصنيف, ولا حتى ترتيب يمكن من خلاله للباحث أن يصل إلى بغيته بشيء من اليسر؛ حيث يختلط المخطوط بالمطبوع فيها كما وجدنا أن عددًا غير قليل من المخطوطات المتنوعة قد جُعل أكداسًا في ركن إحدى الغرف, وقد عبثت به عوادي الزمن عبثًا ما رأينا مثله في أي منطقة من المناطق التي تمكنا من زيارتها في جنوب الهند, بل حتى المناطق الوسطى والقريبة من شمال البلاد! وقد قمنا بالتعاون مع المسؤول الإداري للمدرسة, الذي كان متعاونًا جدًا معنا بل هو الذي سهل لنا الدخول إلى المدرسة, وسعى في الحصول على الموافقة بالتصوير, وأعاننا أيضًا بعض الأساتذة والطلبة في فرز المخطوطات والكتب الموجودة بتلك الغرف وتنظيفها وفصل المخطوط منها عن المطبوع, وقد دامت هذه العملية ثلاثة أيام أُصبنا خلالها بالدهشة، بل بالصدمة لحجم الإصابات والتلف والضياع الذي حلَّ بتلك, المخطوطات, وقد كان الإتلاف مصير أربعة أكياس كبيرة من الأوراق المخطوطة التي جمعناها خلال عملية الفرز والتنظيف؛ لعدم وجود أي فائدة ترجى منها, إضافة إلى ثلاثين مخطوطًا لم يكن من الممكن الاستفادة منها بأي حال من الأحوال؛ لضياع أولها وآخرها وأوراق من وسطها. وأحيانًا كثيرة كانت تستغرق الأوراق الضائعة نصف المخطوط, وكان عدد آخر منها لا يمكن فتحه بأي حال من الأحوال لتحجره, وأصبحت الاستفادة منه مستحيلة على ذلك الوضع, فنقلناه إلى دبي لمعالجته وإصلاحه.
إما المخطوطات التي تمكنا من إنقاذها أو التي عثرنا عليها سليمة, فقد فاق عددها770 عنوانًا, وقد كتبت تلك المخطوطات باللغات العربية والفارسية والأردية, وأكثر العلوم في تلك المخطوطات علم التفسير الذي يوجد منه بالمكتبة نوادر باللغتين العربية والفارسية, وكذلك كتب الأدب, وبخاصة المكتوبة بالفارسية, إلى جانب كتب الفقه والتصوف والمواعظ وعلم الفلك والعلوم التطبيقية وغيرها.
كما أطلعنا المدير الإداري للكلية على عدد من التحف والآثار المادية المنقولة التي تحتفظ بها المدرسة في خزائنها مثل النقود الذهبية والفضية وعدد من الأختام السلطانية, وكذا بعض المصاحف الصغيرة جدًا وقد وُضعت في علب زجاجية صغيرة, إلى جانب بعض الوثائق المزخرفة والجميلة.
وأن مثل هذا ليس خاصًا بالمدرسة اللطيفية وحدها, بل هو موجود في كثير من المكتبات الهندية, وخصوصًا تلك المكتبات والكليات والمدارس الإسلامية, إلا أن الوضع في المدرسة اللطيفية كان متفاقمًا نتيجة الإهمال الطويل, وانعدام الصيانة والرعاية اللازمة للمخطوطات والكتب.
والله هو الحافظ والهادي إلى ما فيه الخير والسداد.
الدكتور عز الدين بن زغيبة
مدير التحرير