من حضرموت إلى كاليكوت: رحلة عالم في سبيل الله
من حضرموت إلى كاليكوت: رحلة عالم في سبيل الله
إن اسم العالم الذي قصدناه بالعنوان هو الشيخ شهاب الله الجفري اليمني, الذي عمر 190 سنة, عاش مدة منها بكاليكوت بالهند, يعلم الناس ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة. وقد قادتنا الأقدار إلى مرقده ومكتبته في رحلتنا الثالثة إلى الهند وقد كانت بداية القصة من هنا .
عندما وصلنا إلى جامعة مركز الثقافة السنية قادمين إليها من كسركوت توجهنا من فورنا إلى مكتبة الجامعة ,التي تحوي أكثر من عشرين خزانة طول كل واحدة منها يغطي ما بين الأرض والسقف, ويتوسط هذه الخزائن خزانتان صغيرتان مقفلتان خلافا لكل الخزائن حيث كانت مفتوحة, وكان يظهر من زجاج أبوابها أن ما بداخلها كله قديم إما مخطوطا وإما كتابا قديما من طباعة مصرية أو هندية, وكنا نتساءل لماذا هاتان الخزانتان مغلقتان دون غيرهما لابد أن في الأمر سرا فسألنا قيم المكتبة هل يمكن لنا الاطلاع عليهما فأجاب دون تردد نعم يمكن ذلك, ففتحت لنا الخزائن, وأخذنا منها بعض المخطوطات والكتب النادرة لنتصفحها داخل القاعة, فإذا بالختم الذي يوجد على تلك الكتب ليس ختم مكتبة جامعة مركز الثقافة السنية, وإنما ختم مكتبة الشيخ الجفري عليه رحمة الله, فبادرنا إلى سؤال القيم على المكتبة هل هذه الخزائن المغلقة هي مكتبة الشيخ الجفري عليه رحمة الله قال نعم, ولكنه مع الأسف لا يملك أكثر من هذه المعلومة .
وفي لقاء مع الدكتور حسين الثقافي – وهو رجل باحث متخصص في العلماء العرب, الذين قدموا إلى الهند وإسهاماتهم العلمية, فأخبرنا أن ما يوجد بمكتبة الجامعة من مكتبة الشيخ الجفري هو جزء منها فقط, والبقية موجودة ببيت الشيخ الفضل بوكويا, وأخبرنا أن من ميزات هذه المكتبة أنها تضم كتب الشيخ الجفري المخطوطة, إضافة إلى مؤلفات تبو السلطان باشا, الذي نفاه الإنجليز إلى تركيا , ويسر الله الكريم بفضله ودخلنا بيت الشيخ الفضل بوكويا, وبعد حسن استقباله لنا كان أول مابادر به أن جاءنا بمخطوط كنز البراهين من تأليف الشيخ الجفري عليه رحمة الله, فسألناه عن إمكان رؤية بقية مكتبة الشيخ الجفري فأجاب نعم, فلما دخلنا الغرفة التي توجد فيها المكتبة قال: هذا مابقي من المكتبة فإذا هي خزانة كدست فيها المخطوطات والكتب القديمة والوثائق تكديسا, فأخرج لنا منها أربع مخطوطات كبيرة لنطلع عليها لكن ما كان يثير استغرابنا أن بعض المخطوطات جيء بها لنا من غرفة أخرى, عندها أدركت أن لبقية المكتبة بقية أخرى, وأن المكتبة موزعة على أكثر من مكان وأننا قد بلغنا معظمها .
وإن ما لمسناه من تقدير واحترام وإجلال للأعمال التي قام بها الشيخ الجفري عليه رحمة الله وبخاصة الدعوية, والتربوية, والعلمية, جعلتنا نتعلم أن وطن العالم ليس مسقط رأسه ولا مهد طفولته وريعان شبابه فحسب, بل وطنه كل أرض وطئتها قدماه داعيا فيها إلى الله بإذنه وسراجا منيرا .