تسونامي وحماية التراث تذكرة لمن كان له قلب

       إن إعصار تسونامي المدمر, الذي ضرب دول شرق آسيا, والذي وصفه بعضهم ممن كتب لهم معايشته, والنجاة منه بقدر الله, بالقيامة الصغرى, جعل المشرفين على القطاع الثقافي, ونخبة المجتمع في تلك الدول, يفكرون بجدية, في مصير التراث العلمي لأممهم, وكيفية حمايته والحفاظ عليه من مثل هذه الكوارث - الآيات الربانية التي يرسلها الله سبحانه وتعالى, ليخوف بها عباده, لعلهم يرجعون – ولم يبق هذا الحديث حبيس الصالونات, ومجالس الساسة, ومن يقومون على إدارة  الدولة, بل أصبح أمرا يطالب به كل معني بهذه المسألة, وبدأت الأقلام الصحفية تنادي بمزيد من الاهتمام بهذه الثروة التراثية, وزيادة الأرصدة المالية المخصصة لها, والاستعانة بالتطور التكنولوجي الهائل في هذا المجال.

 وأصبح الإلحاح شديدا على ضرورة نسخ المواد التراثية بالوسائل الرقمية الفائقة التطور, وحفظ نسخ منها في أماكن متعددة بل أخذت تلك الأقلام تطرح تصورات وحلول للمشكلات التي تواجه تنفيذ مثل هذه المشاريع, وعلى رأسها التمويل في مثل الأوضاع الاقتصادية الصعبة, التي تعيشها الدول المتضررة بالإعصار, فهي لا ترى مانعا من الاستعانة بمؤسسات أجنبية, تمتلك الوسائل التكنولوجيا اللازمة لإنجاز مثل هذه المشاريع مقابل حصولها على حق الاستفادة الحصري, أو نسخة رقمية, يحق لها بيعها للغير .

          وفي مقابل هذا نادت جهات, أخرى وبخاصة المساندة للجهات الرسمية, بعدم السماح بانتقال نسخ من تراثهم إلى أي جهة أجنبية, وأنه يكتفى في إنجاز تلك المشاريع بالاعتماد على القدرات الوطنية والكفاءة المحلية, حتى وإن تطلب الأمر زمنا طويلا .

          والذي نخلص إليه من خلال هذا العرض أن التفكير الذي ينشأ نتيجة لأحداث وأهوال يكون في الغالب تفكيرا ارتجاليا متعجلا غير مدروس بعناية, لأنه في النهاية ردة فعل لما حدث .

          وبناء عليه نأمل من إخواننا القائمين على تراثنا العربي والإسلامي في العالم العربي والإسلامي التنبه لهذا الأمر, وليفكروا فيه بروية ويدرسونه, بعناية, وليحددوا الكيفيات والوسائل التي تمكنهم من حماية تراثهم في مثل الظروف التي عاشها شرق آسيا إثر إعصار تسونامي .

والله نسأل أن يحفظ الجميع, وهو الموفق لما فيه الخير والصواب

­ الدكتور عزالدين بن زغيبة

أخبار المركز