مؤرخ اليمن وقاضيها إسماعيل بن علي الأكوع في جوار ربه

        تنفس صبح يوم الأربعاء: 20 شوال 1429 هـ - الموافق: 21 أكتوبر 2008 م واليمن تذرف دموع الوداع على قاضيها ومؤرخها وشمس علمائها وصانع صيتها القاضي أبي محمد إسماعيل بن علي بن حسين بن أحمد بن عبد الله بن إسماعيل الأَكْوَع الحِوالي, الذي طوى كتابه في هذه الدنيا ليقدمه بيمينه بإذن الله بين يدي رب العالمين

فلَقبُ القاضي الذي حلي به؛ لقبٌ تشريفيٌّ درج أهل اليمن على منحه لمن كان والدُه يشتغل بالقضاء، وإن لم يكن الابن قد مارس تلك المهنة, أما نسبة الأكوع، فتعود إلى جدِّه محمد بن إبراهيم، الملقَّب بالأَكْوَع؛ لبُروزٍ في كُوعِه, وأما الحِوالي فنسبة إلى ذي حِوال الأكبر الحِميَري.

       أبصر النور في مدينة ذِمار ضحى الأربعاء 11 من جمادى الآخرة سنة 1338هـ، الموافق 1 من آذار ( مارس ) 1920م, وهو ينحدر من عائلة علم وفقه, وبيت حسب ونسب, فأبوه؛ القاضي العلامة جمال الدين، علي بن حسين بن أحمد بن عبد الله الأكوع، تولَّى الإفتاء والقضاء في ناحية خُبَّان، وكان يقصده الناس من مختلِف المناطق.

       لازم والده في صغره، وكان يحضر مجالسه العلمية في المدرسة والمسجد والبيت. ويقول هو عن ذلك: "إن المدرسة الحقيقية كانت مدرسةَ الوالد رحمه الله، وأكثر الاستفادة من جلساته العلمية

تخرج القاضي إسماعيل عليه رحمة الله في القرآن والحديث وعلومهما, والفقه وعلم أصول الفقه وعلم النحو وعلم المعاني والبيان على يدي ثلة من علماء اليمن وأكابر رجالاتها, ومن أشهرهم؛ والده وأحمد بن علي التويرة: المقرئ الضرير, وأحمد بن محمد بن أحمد الأكوع: وهو والد زوجته,عالم في الفقه والفرائض مشارك في غيرهما, وأحمد بن محمد الوائلي, وحسن بن أحمد بن عبد الباري الأَهْدَل, وحسن بن زيد بن علي الديلمي وغيرهم ممن لم يذكر هنا, وقد تقلب القاضي عليه رحمة الله في مناصب عديدة تنوعت بين العلم والسياسة, ففي سنة 1386هـ 1960م. عُيِّن سكرتيراً أول للمفوضية اليمنية في موسكو, وبعد قيام الثورة الجمهورية على الملكية، عاد إلى صنعاء، وعُهد إليه بمنصب مستشارٍ ثقافيٍّ في سفارة اليمن بالقاهرة، وفي سنة 1964 عمل في وزارة الخارجية، حيث عُيِّن نائباً ثانياً لوزير الخارجية، ثم سفيراً متجولاً، إلى أن استقرَّ به الحال وزيراً للإعلام في وزارة حسن العمري في عهد القاضي عبد الرحمن الأرياني, وبعد استقالة الحكومة سنة 1969م، رفض العودةَ للعمل في السلك السياسي، فأسس الهيئة العامة للآثار ودور الكتب، وتسمى حاليا؛ الهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات, وبقي في رئاستها 21 سنة إلى أواخر سنة 1990م.
 

وقد نال العضوية في مجاميع واتحادات كثيرة؛ فهو عضو في مجمع اللغة العربية بدمشق، وعضو في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية  بالأردن، وعضو في مجمع اللغة العربية الأردني، وعضو في المجمع العلمي الهندي، وعضو في اتحاد المؤرخين العرب، وعضو في معهد الآثار الألماني في برلين.

       وقد شرفنا الله بصداقته والجلوس بين يديه والإفادة من علومه وتجاربه وقد كان أول لقاء لنا معه ببيته في منطقة حده بقرب المدرسة الفنية وذلك في سبتمبر 2004 برفقة تلميذه الوفي الأستاذ عبد الحميد آل أعوج سبر, وقد كانت تلك الزيارة بداية التواصل والتعاون بيننا, فما دخلنا اليمن يوما إلا وكانت لنا زيارة إلى بيت القاضي رحمه الله, وقد أثمر ذلك التواصل والتعاون بأن أذن القاضي لمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بتصوير المخطوطات الموجودة بمكتبته الخاصة, كما أفدنا منه كثيرا في تحديد المكتبات الخاصة الغنية بالمخطوطات في اليمن ومعرفة أحوال أهلها وتمكنا من خلاله التعرف إلى الأسر العلمية باليمن ومعرفة تاريخها وأشهر رجالها.

       لقد ترك القاضي وراءه ثروة علمية كبيرة ومتنوعة تزخر بها المكتبة العربية, ومن أهم تلك التآليف ما يأتي:  

1 - أئمة العلم المجتهدون في اليمن.

2 - أعراف وتقاليد حكَّام اليمن في العصر الإسلامي.

3 - الإمام محمد بن إبراهيم الوزير وكتابه العواصم والقواصم.

4 - الأمثال اليمانية.

5 - تاريخ أعلام آل الأكوع.

6 - الدولة الرسولية في اليمن.

7 - الزيدية: نشأتها ومعتقداتها.

8 - سدود اليمن، أبرز مظاهر حضارتها القديمة. 

9 - مخاليف اليمن.

10 - المدارس الإسلامية في اليمن.

11 - نشوان بن سعيد الحميري، والصِّراع الفكري والسياسي والمذهبي في عصره.

12 - هِجَر العلم ومعاقله في اليمن. 

13 - البلدان اليمانية عند ياقوت (تحقيق). 

14 - مجموع بلدان اليمن وقبائلها للقاضي محمد بن أحمد الحجري (تحقيق).:

تغمد الله الفقيد بواسع رحمته