مقاصد الشريعة الخاصة بالتصرفات المالية
مقاصد الشريعة الخاصة بالتصرفات المالية
ملخص الكتاب.
استهدف هذا الكتاب -الذي هو أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراة- الإسهام في الاجتهاد الفقهي المقاصدي ومحاولة تجنيب الاجتهاد الفقهي السقوط في ظاهرية الفهم وحرفية التفسير للنصوص والآثار المتعلقة بأبواب المعاملات والتصرفات المالية، والتمكين من إدراك مقاصدها الخاصة مع مراعاة المقصد العام وفهم الظروف القائمة.
المال في الشريعة الإسلامية:
اجتهد الكتاب في الباب الأول في إعطاء صورة عامة عن المال ومفهومه في الشريعة بما يوضح الموقع الديني للمال عند المسلمين غنى وفقراً وطريقة تعاملهم معه كسباً وبذلاً.
كما حرص في هذا الباب على إخراج تعريف للمال بناء على اللغة وأقوال الأئمة بما يحفظ مالية كل ما له منفعة مثل اللحم والسيارة.. إلخ، وبما يحفظ الحقوق المعنوية التي لها قيمة مادية كحقوق الابتكار والحقوق الذهنية مثل برامج الكمبيوتر والكتب وغير ذلك، وبما يخرج الأشياء المحرمة في الشريعة الإسلامية عن كونها مالاً مثل الخمر.. فانتهى بهذا إلى تعريف المال بأنه "كل شيء له قيمة مادية بين الناس، وتحصل به مصالحهم، ويجوز شرعاً حيازته والانتفاع به على وجه السعة والاختيار".
وبين المؤلف ضوابط إثبات مالية الأشياء ومالية المنافع في الشريعة وعدد أقسام المال واختلافات الأئمة في كل ذلك وما يترتب عليه من فروق، بمنهجية تشبه طريقة الزنجاني -في كتابه تخريج الفروع على الأصول- في بيان أثر الاختلاف في القواعد الفقهية والكلية على الاختلاف في الفروع الفقهية في المذاهب المشهورة.
مقصود المال
يقوم الباب الثاني على أساس أن حفظ المال من المقاصد الكلية للشريعة كما قرره علماء المسلمين، وعلى هذا قامت أحكام الشريعة المالية، فحرصت على حماية الأموال والتصرفات المرتبطة بها من أي ضرر متوقع أو ضرر واقع، وذلك بوضع جملة من الشروط والأحكام الوقائية مثل القاعدة الكلية "لا ضرر ولا ضرار" وما يتبعها من قواعد تكميلية ومسائل متعلقة مثل أمن الأموال وحرمة إضاعتها أو أكلها بالباطل.. إلا أن الحرص على إيراد الفروع الفقهية في هذا الباب كان أكثر من إيراد القواعد الفقهية نفسها، فحفل بالأمثلة والشواهد من أقوال الأئمة ومسائل المذاهب فضلا عن الكتاب والسنة بالطبع.
وضوح المال
وفي الباب الثالث بين الكاتب أن المراد من وضوح المال هو بعده عن موطن المنازعات والخصومات، ولحوق الضرر به. وأورد أربعة أنواع من المعاملات لتوثيق التصرفات المالية وصيانتها من الضياع أو الالتباس، معرفاً بكل واحدة منها، ومورداً الأدلة على مشروعيتها بالإضافة إلى شرح مسائلها.
وبدأها بتعريف الكتابة (البينة الخطية) وأن الفقهاء لم يعرفوا الكتابة كدليل وحجة في إثبات الحقوق، وإنما اعتنوا بتعريف المكتوب بحسب ما يقتضيه التصرف والمعاملة مثل: الوثيقة، الصك، الحجة، السجل، المحضر.
أما النوع الثاني فهو الشهادة وهي تنفيذ قول الغير، مع أن الأصل أن لا ينفذ قول أحد على أحد، ولكنها شرعت على وجه المصلحة، واستدل الكاتب على مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول، وبين أركان الشهادة وما يتعلق بها من أحكام.
وعلى المنوال نفسه عرف واستدل على مشروعية الرهن والكفالة ولكن بإيجاز، مبيناً أن المقصود من تشريع الرهن أن يستوثق الدائن من استيفاء دينه من المدين عند حلول الأجل، أو من ثمن العين المرهونة عند بيعها إذا تعذر على المدين الوفاء بما عليه للدائن، وأن المقصد من تشريع الكفالة حفظ المال بالتوثيق، وللوصول إلى الحق من جهة الكفيل عند تعذر الوصول إليه من جهة الأصيل.
وهكذا اكتفى الكاتب بمعالجة الأنواع التقليدية في توثيق الأموال ربما لأنها الأصل في الإثبات، فمعظم المعاملات المالية حتى اليوم تعود في التوثيق إلى الأنواع الأربعة من كتابة وشهادة أو رهن وكفالة، وإن كانت بصيغ مختلفة تناسب التطور التكنولوجي وعالم المال المعاصر.
رواج الأموال
والمقصود دوران المال وتحركه بين أيدي أكثر ما يمكن من الناس بوجه حق في شكل استهلاك واسثمار. وهو محتوى الفصل الأول من الباب الأخير من الكتاب، ويقوم على فكرتين، الأولى أن الشريعة تحرض على رواج المال وتداوله في أوسع شريحة ممكنة، وورد في القرآن الكريم وعن رسول الإسلام وأئمة المسلمين الكثير من التوجيهات التي ترسي هذه السياسة المالية.
أما الثانية فهي حرمة الاحتكار ومنع كنز المال، ومن الأدلة التي استدل بها الكاتب قول نبي الإسلام "لا يحتكر إلا خاطئ"، واستدل على عدم جواز كنز المال بالآية (34-35) من سورة التوبة: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم)، مشيراً إلى ما يقوله حامد العالم في كتابه المقاصد العامة أن الكنز للأموال ليست مسألة شخصية وإنما هي مسألة تشريعية تطالب الدولة بمنعها بالتشريع والتنفيذ تحقيقاً لمقصد الرواج والتداول.
ثبات الأموال
والمقصود بثبات الأموال تمحض ملكيتها لأصحابها وتقررها لهم بوجه لا يتطرق إليهم خطر ولا ينازعهم فيها أحد إذا أخذوها من وجهها الشرعي.
ولبيان ثبات الأموال عرض الفصل الثاني من الباب الأخير جملة من الأحكام والأجراءات التي قررتها الشريعة حيث أقامت الشريعة العقود على اللزوم، فيجب على المرء أن يفي بعقوده سواء تلك التي عقدها الله عليه أو تلك التي يعقدها العباد بين بعضهم البعض مثل عقود الكراء والمناكحة.. إلخ. وطالبت المتعاقدين الإيفاء بشروط العقود ما لم تصادف محلاً محظوراً، مثل اشتراط دفع ثمن عين ما بالتقسيط وما شابه ذلك، وأحاطت أحكام المعاملات بإجراءات الضبط والتحديد فمنعت الغش والغرر، وأطلقت حرية التصرف للمالكين في ملكهم ما لم يدخلوا في ممنوع أو يتعدوا على حقوق الغير.
العدل في الأموال
وبين هذا الفصل الأخير أن تحقيق العدل في الأموال يقتضي حصولها على وجه لا ظلم فيه، وبوضعها موضعها الذي خلقت من أجله، واتباع أرشد السبل في إنفاقها وتنميتها. وفي هذا السياق على سبيل المثال جاء نهي الرسول عن بيع الطعام بالطعام، إنما يبيعه بالمال ثم يشتري الطعام الآخر بالمال، لأن المقايضة الصحيحة بين سلعتين لا يحسنه إلا من هو خبير وهم قليل، بل الخبراء أنفسهم يحسبون المعادلات على وجه التقريب مما قد يؤدي للظلم.
وعلى العموم فإن الكتاب أعطى صورة عن أهمية اعتبار المقاصد الشرعية في التصرفات المالية وبخاصة عند فقدان النص، بأسلوب أكاديمي حفل بالتعريفات والأدلة بما يليق بالدراسات الجامعية.
من يرغب في الحصول على الكتاب كاملًا فإننا ندعوه بكل لطف وتقدير للتسجيل في الموقع : هنا